خيانة مشروعة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


خيانة مشروعة
شهرزد الكلمة - 05\08\2011
نظر إلي بارتياب كارتياب أرنبة هاربة من لبوه شبقة، ثم ابتلع لعابه واحمر لون وجهه كإسفنجه امتصت الدماء حتى فاضت بها، مرتبكاً خجلاً متوسلاً بعينيه الغادرة أن لا أفتضحه أمامها، متوسلاً بصمت أن أمرّ من أمامهما كعابر سبيلٍ أخرس، وأن أمضي في طريقي كجرف أمطار شتاءٍ حزين.
أبعد يديه اللتان كانتا تعتصران خصرها بسرعة وابتسم ابتسامة صفراء كصفرة سم عقرب أسود، وأصابه الارتباك ككبش فداءٍ عشية عيدٍ في ضواحٍ فقيرة، وتلعثم، وتلعثم بأحرف كلمة أهلا كطفلٍ في عامه الأول.
جاوبت: أهلا، ولملمت ذيول خيبتي ومشيت في الحديقة التي كست أرضها أوراق خريفٍ رمادية.
غريبةً هي الحياة، تلك الحديقة التي شهدت حبنا في ذروته وقبلاتنا المسروقة والعناق المؤجج وكلام العشق المعسول المعجون بالدمعات والبسمات، الحديقة التي شهدت على وعوده بأنه لا لن يحب سواي، لا لن يلمس أخرى، تلك الحديقة الآن تشهد خيانةٌ بالصوت والصورة، تشهد انهيار برج من الأحلام المُخملية، تشهد إعدام قلبٍ جرمه الوحيد أنه أحب بصدقٍ..
هل يغازلها كما كان يغازلني.. هل يقبّلها كما كان يقبّلني؟ هل هي ذاتها مفردات الحب التي لا طالما أشبع فيها غروري يهمسها بشهوةٍ في أذنيها؟
كم هي غريبة هذه الحياة، كم أنت خبيثٌ أيها القدر. مشيتُ في خطًى مشلولة إلى حيث لا تدري الحواس المخدرة، مشيت حتى أخافتني ظلمة شارعٍ غريبٍ كغربة روحي، هل سأستفيق من كابوسٍ منفّرٍ الآن؟ أم هذا هو الواقع الحاضر حقًّا؟
ماذا أفعل الآن بقلبي الذي يعوي قهراً يفرفر كطير نعامٍ مذبوح، ماذا أفعل بالعينان اللتان تنزف دمعاً يحرق الوجنات والروح؟
لا يكفيني هواء الكون كله، أشعر أن ذرات الهواء تخنقني تمزق ببطء بقايا كبريائي المخذول، كخيبة امرأة تحمل رحماً عقيم، كخيبة رجلٍ مقيّد في جسدٍ سقيم، ماذا أفعل في صحراء حياتي القاحلة من دونك؟ وأنت الذي كنت الواحة الخضراء فيها، ماذا سأفعل في عتمة مساءاتٍ موحشةٍ وأنت كنت مؤنسي الوحيد؟
كيف سأرتشف قهوتي صباحاَ دون رسالةٍ نصيةٍ تذكرني فيها: كم تحبني وتشتاقني.
ماذا سأفعل بصفحاتٍ وصفحات من الذكريات ألصقتها في عقلي، كيف سأتخلص من حبٍ بات يكبر فيني كعضال أضعفني استنزف طاقتي كلها. استنزف الحول والقوة؟
آه وألف آه، هل تسمع صرخات قلبي أيها الوغد؟ أم لا زلت تتلذذ عشقاً جديداً تحت صفصافةٍ احتضنت أسرارنا سنين طوال؟
هل تسمع آهاتي؟ أم انك غارق ذائب في صدرها كذرات الملح في وعاءٍ حساءٍ ساخن، تتهامس وإيّاها كلام عشقٍ يشبه الذي حدثتني به مرات.
أكرهك، أكرهك لأنني أكثر مني أحبك.. أكرهك لأني سأضل أشتاقك وأحبك.. حباً يوخز في القلب كالإبر.. كسياج أشواكٍ حديديةٍ يمزّق أوصالي، يزهق روحي.
كيف لي أن أشفى منك يا علّتي ودوائي؟
كيف سأشفى منك وأنت طبيب روحي الذي أسقاني السٌمّ بيديه، فأنا كالسمكة انتشلت من قاع محيط الهوى ورميت في ملعب جافٍ محتشد يركلها البعض ويدوسها البعض الآخر، وأنت هو البعض وأنت البعض الآخر.
بل أنت ممثلٌ بارع.